الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
أي: أنت مذنب.
أي لكن أنا لا أقليك. ولما كان سبحانه وتعالى لا شيء أظهر منه ولا شيء أبطن منه أشار إلى ذلك جميعًا بإضماره قبل الذكر فقال: {هو}، أي: الظاهر أتم ظهور فلا يخفى أصلًا ويجوز أن يكون الضمير للذي خلقك {الله}، أي: المحيط بصفات الكمال {ربي} وحده لم يحسن إليّ خلقًا ورزقًا أحد غيره وهذا اعتقادي في الماضي والحال. وقرأ ابن عامر بإثبات الألف بعد النون وقفًا ووصلًا لاتباع المرسوم والباقون بإثبات الألف بعد النون وقفًا وحذفها وصلًا. فإن قيل: قوله لكنا استدراك لماذا؟أجيب: بأنه لقوله: {أكفرت} فكأنه قال لأخيه: أكفرت بالله لكني مؤمن موحد، كما تقول زيد غائب لكن عمرو حاضر.وذكر القفال في قول المؤمن: {ولا أشرك بربي}، أي: المحسن إليّ في عبادتي {أحدًا} وجوهًا أحدها: أني لا أرى الفقر والغنى إلا منه فأحمده إذا أعطى وأصبر إذا ابتلى، ولا أكفر عندما ينعم عليّ ولا أرى كثرة الأموال والأعوان من نفسي وذلك لأنّ الكافر لما اغتر بكثرة المال والجاه فكأنه قد أثبت لله شريكًا في إعطاء العز والغنى. وثانيها: لعل ذلك الكافر مع كونه منكرًا للبعث كان عابد صنم فبيّن هذا المؤمن فساد قوله بإثبات الشركاء. وثالثها: أنّ هذا الكافر لما عجز الله تعالى عن البعث والحشر فقد جعله مساويًا للخلق في هذا العجز، وإذا أثبت المساواة فقد أثبت الشريك ثم قال المؤمن للكافر:{ولولا إذ}، أي: وهلا حين {دخلت جنتك قلت} عند إعجابك بها ما يدل على تفويضك الأمر فيها وفي غيرها إلى الله تعالى وهو {ما شاء الله}، أي: الأمر ما شاء الله أو ما شاء الله كائن على أنّ ما موصولة، أي: وأي شيء شاء الله كان على أنها شرطية والجواب محذوف، أي: إقرارًا بأنها وما فيها بمشيئة الله تعالى إن شاء أبقاها وإن شاء أهلكها، وقرأ ابن ذكوان وحمزة بالإمالة والباقون بالفتح وإذا وقف حمزة وهشام على شاء أبدل الهمزة ألفًا مع المدّ والتوسط والقصر، وأظهر إذ عند الدال نافع وابن كثير وعاصم والباقون بالإدغام وهلا قلت: {لا قوّة إلا بالله} اعترافًا بالعجز على نفسك والقدرة لله وأنّ ما تيسر لك من عمارتها وتدبير أمرها فبمعونة الله تعالى وإقداره أو لا يقوى أحد في بدنه ولا في غير ذلك إلا بالله. وفي الحديث: «من أعطى خيرًا من أهل أو مال فيقول عند ذلك ما شاء الله لا قوّة إلا بالله لم ير فيه مكروهًا» ثم إنّ المؤمن لما أعلم الكافر بالإيمان أجابه عن افتخاره بالمال والنفس فقال: {إن ترني أنا أقلّ منك مالًا وولدًا} أي: من جهة المال والولد، ويحتمل أن يكون أنا فصلًا وأن يكون تأكيدًا للمفعول الأوّل. وقرأ قالون وأبو عمرو بإثبات الياء وصلًا وحذفها وقفًا، وابن كثير بإثباتها وصلًا ووقفًا، والباقون بالحذف وقفًا ووصلًا وقوله تعالى: {فعسى ربي}، أي: المحسن إليّ {أن يؤتيني} من خزائن رزقه {خيرًا من جنتك} إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة لإيماني جواب الشرط {ويرسل عليها}، أي: جنتك {حسبانًا} جمع حسبانة، أي: صواعق {من السماء فتصبح} بعد كونها قرّة للعين بما تهتز به من الأشجار والزروع {صعيدًا زلقًا}، أي: أرضًا ملساء باستئصال بنيانها وأشجارها فلا ينبت فيها نبات ولا يثبت عليها قدم وقوله: {أو يصبح ماؤها غورًا}، أي: غائرًا في الأرض لا تناله الأيدي والدلاء مصدر وصف به كالزلق {فلن تستطيع} أنت {له}، أي: للماء الغائر {طلبًا} يصير بحيث لا تقدر على ردّه إلى موضعه، ثم إنه أخبر الله تعالى أنه حقق ما قدّره هذا المؤمن فقال: {وأحيط}، أي: وقعت الإحاطة بالهلاك وبني للمفعول لأنّ النكد حاصل بإحاطة الهلاك من غير نظر إلى فاعل مخصوص والدلالة على سهولته {بثمره}، أي: الرجل المشرك كله واستؤصل هالكًا ما في السهل منه وما في الجبل وما يصبر منه على البرد والحر وما لا يصبر. قال بعض المفسرين: إنّ الله تعالى أرسل عليها نارًا فأهلكتها وغار ماؤها {فأصبح يقلب كفيه} ندمًا ويضرب أحداهما على الأخرى تحسرًا فتقلب الكفين كناية عن الندم والتحسر لأنّ النادم يقلب كفيه ظهرًا لبطن كما يكنى عن ذلك بعض الكف والسقوط في اليد لأنه في معنى الندم فعدى تعديته كأنه قيل فأصبح يندم {على ما أنفق فيها}، أي: في عمارتها ونمائها {وهي خاوية}، أي: ساقطة {على عروشها}، أي: دعائمها التي كانت تحتها فسقطت على الأرض وسقطت هي فوقها. وقوله تعالى: {ويقول} عطف على يقلب أو حال من ضميره {يا} للتنبيه {ليتني} تمنيًا لرد ما فاته لحيرته وذهول عقله ودهشته وعدم اعتماده على الله تعالى من غير إشراك بالاعتماد على الفاني {لم أشرك بربي أحدًا} كما قال له صاحبه فندم حيث لا ينفعه الندم على ما فرّط في الماضي لأجل ما فاته على الدنيا لا حرصًا على الإيمان لحصول الفوز في العقبى لقصور عقله ووقوفه مع المحسوسات المشاهدة. فإن قيل: إنّ هذا الكلام يوهم أن جنته إنما هلكت بشؤم شركه وليس مرادًا لأنّ أنواع البلاء أكثرها إنما يقع للمؤمنين قال تعالى: {ولولا أن يكون الناس أمّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفًا من فضة ومعارج عليها يظهرون} [الزخرف]. وقال صلى الله عليه وسلم: «خص البلاء بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل». وأيضًا لما قال: {يا ليتني لم أشرك بربي أحدًا} فقد ندم على الشرك ورغب في التوحيد فوجب أن يصير مؤمنًا فلم قال تعالى بعده: {ولم تكن له فئة}، أي: جماعة من نفره الذين اغتر بهم ولا من غيرهم {ينصرونه} مما وقع فيه {من دون الله} عند هلاكها {وما كان} هو {منتصرًا} بنفسه بل ليس الأمر في ذلك إلا لله وحده. أجيب: عن الأوّل بأنه لما عظمت حسراته لأجل أنه أنفق عمره في تحصيل الدنيا وكان معرضًا في عمره كله عن طلب الدين فلما ضاعت الدنيا بالكلية بقي محرومًا من الدنيا والدين، وعن الثاني بأنه إنما ندم على الشرك لاعتقاده أنه لو كان موحدًا غير مشرك لبقيت عليه جنته فهو إنما رغب في ذلك لأجل طلب الدنيا فلذلك لم يقبل الله توحيده. وقرأ حمزة والكسائي يكن بالتحتيتة على التذكير والباقون بالفوقية على التأنيث. ولما أنتج هذا المثل قطعًا أنه لا أمر لغير الله تعالى المرجو لنصر أوليائه بعد ذلهم ولإغنائهم بعد فقرهم ولإذلال أعدائهم بعد عزهم وكبرهم وإفقارهم بعد إغنائهم وحده وإن غيره إنما هو كالخيال لا حقيقة له، صرّح بذلك في قوله تعالى: {هنالك}، أي: في مثل هذه الشدائد العظيمة {الولاية لله}، أي: الذي له الكمال كله، وقرأ حمزة والكسائي بكسر الواو وأي الملك والباقون بفتحها، أي: النصرة وقوله تعالى: {الحق} قرأه أبو عمرو والكسائي برفع القاف على الاستئناف والقطع تعليلًا تنبيهًا على أنّ فزعهم في مثل هذه الأزمان إليه تعالى دون غيره برهان قاطع على أنه الحق وما سواه باطل وأنّ الفخر بالعرض الزائل من أجهل الجهل، وأنّ المؤمنين لا يصيبهم فقر ولا يسوغ طردهم لأجله وأنه يوشك أن يعود فقرهم غنى وضعفهم قوّة وقرأه الباقون بخفضها على الوصف، أي: الثابت الذي لا يحول يومًا ولا يزول ولا يغفل ساعة ولا ينام ولا ولاية لغيره بوجه {هو خير ثوابًا} من ثواب غيره لو كان يثيب {وخير عقبًا}، أي: عاقبة للمؤمنين، وقرأ عاصم وحمزة بسكون القاف والباقون بضمها ونصب على التمييز.ولما تمّ المثل لدنياهم الخاصة بهم التي أنظرتهم فكانت سببًا لشقاوتهم وهم يحسبون أنها عين إسعادهم ضرب لدار الدنيا العامّة لجميع الناس في قلة ثوابها وسرعة فنائها وأنّ من تكبر كان أخس منها فقال: {واضرب}، أي: صير {لهم}، أي: لهؤلاء الكفار المغترّين بالعرض الفاني المفتخرين بكثرة ذكر الأموال والأولاد وعزة النفر. وقوله تعالى: {مثل الحياة الدنيا} مفعول أوّل ثم ذكر المثل بقوله تعالى: {كماء} وهو المفعول الثاني {أنزلناه} بعظمتنا وقدرتنا وقال تعالى: {من السماء} تنبيهًا على بليغ القدرة في إمساكه في العلو وإنزاله في وقت الحاجة {فاختلط}، أي: فتعقب وتسبب عن إنزاله أنه اختلط {به نبات الأرض}، أي: التف بسببه حتى خالط بعضه بعضًا من كثرته وتكاثفه كما قال تعالى: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} [الحج].وقيل: اختلط ذلك الماء بالنبات حتى روى واهتز ونما وكان حق اللفظ على هذا التفسير فاختلط بنبات الأرض لكن لما كان كل من المختلطين موصوفًا بصفة صاحبه عكس للمبالغة في كثرته ثم إذا انقطع ذلك بالمطر مدّة جف ذلك النبات {فأصبح هشيمًا} أي يابسًا متفرّقة أجزاؤه {تذروه}، أي: تنثره وتفرّقه {الرياح} فتذهب به والمعنى أنه تعالى شبه الدنيا بنبات حسن فيبس فتكسر ففرّقته الرياح حتى يصير عما قليل كأنه بقدرة الله تعالى لم يكن وقرأ حمزة والكسائي بالتوحيد والباقون بالجمع {وكان الله}، أي: المختص بصفات الكمال {على كل شيء} من دون ذلك وغيره إنشاءً وإفناءً وإعادةً. {مقتدرًا} أزلًا وأبدًا بتكوينه اوّلا وتنميته وسطًا وإبطاله آخرًا فأحوال الدنيا أيضًا كذلك تظهر أوّلًا في غاية الحسن والنضارة ثم تتزايد قليلًا قليلًا ثم تأخذ في الانحطاط إلى أن ينتهي إلى الهلاك والفناء ومثل هذا الشيء ليس للعاقل أن يبتهج به.تنبيه:قوله تعالى: {فأصبح} يجوز أن يكون على بابه فإنّ أكثر ما يطرق من الآفات صباحًا كقوله تعالى: {فأصبح يقلب كفيه} ويجوز أن يكون بمعنى صار من غير تقييد كقول القائل: ولما بيّن سبحانه وتعالى أنّ الدنيا سريعة الانقراض والانقضاء مشرفة على الزوال والبوار والفناء بيّن بقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحياةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى ارْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّة بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا}.{المال والبنون زينة الحياة الدنيا} إدخال هذا الجزئيّ تحت هذا الكلي فينعقد به قياس بين الإنتاج وهو أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا ولما كانت زينة الحياة الدنيا سريعة الانقضاء والانقراض أنتج إنتاجًا بديهيًا أنّ المال والبنون سريع الانقضاء والانقراض وما كان كذلك فإنه ينتج بالعقل أن لا يفتخر به أو يفرح بسببه أو يقيم له في نظره وزنًا وهذا برهان ظاهر باهر على فساد قول أولئك المشركين الذين افتخروا على فقراء المؤمنين بكثرة الأموال. ثم ذكر تعالى ما يدل على رجحان أولئك الفقراء على أولئك الكفار من الأغنياء فقال: {والباقيات الصالحات خير}، أي: من الزينة الفانية لأنّ خيرات الدنيا منقرضة منقضية وخيرات الآخرة دائمة باقية والدائم الباقي خير من المنقرض المنقضي وهذا معلوم بالضرورة لاسيما وقد ثبت أنّ خيرات الدنيا حقيرة خسيسة وأنّ خيرات الآخرة رفيعة شريفة.والمفسرون ذكروا في الباقيات الصالحات أقوالًا أحدها أنها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وزاد بعضهم ولا حول ولا قوّة إلا بالله. وللغزالي في تفسير وجه لطيف فقال: روي أنّ من قال: سبحان الله حصل له من الثواب عشر حسنات فإذا قال: الحمد لله صارت عشرين فإذا قال: ولا إله إلا الله صارت ثلاثين فإذا قال: والله أكبر صارت أربعين وتحقيق القول فيه أنّ مراتب الثواب أعظمها هو الاستغراق في معرفة الله تعالى وفي محبته فإذا قال: سبحان الله فقد عرف كونه تعالى منزهًا عن كل ما لا يليق به وكل ما لا ينبغي فحصول هذا العرفان سعادة عظيمة وبهجة كاملة فإذا قال مع ذلك الحمد لله فقد أقرّ بأنّ الحق سبحانه وتعالى مع كونه منزهًا عن كل ما لا ينبغي فهو المبتدئ لكل ما ينبغي ولإفاضة كل فقد تضاعفت درجات المعرفة فلا جرم قلنا بمضاعفة الثواب فإذا قال مع ذلك: لا إله إلا اللّه فقد أقر بأن الذي تنزه عن كل ما لا ينبغي وهو المبتدئ لكل ما ينبغي ليس في الوجود موجود هكذا إلا هو الواحد فقد صارت مراتب المعرفة ثلاثة فلا جرم صارت درجات الثواب ثلاثة فإذا قال العبد: واللّه أكبر فمعنى أنه أكبر أنه أعظم من أن يصل العقل إلى كنه كبريائه وجلاله فقد صارت مراتب المعرفة أربعة فلا جرم صارت درجات الثواب أربعة.وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «لأن أقول سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس».وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هنّ يا رسول اللّه قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد للّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه»، ثانيها أنها الصلاة الخمس، ثالثها أنها الطيب من القول، رابعها وهو أعمها، وأولاها أنها أعمال الخيرات التي تبقى ثمراتها أبد الآباد فيندرج في ذلك الصلاة وأعمال الحج وصيام رمضان وسبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه والكلام الطيب وغير ذلك من كل عمل وقول دعاك لمحبة اللّه تعالى ومعرفته وخدمته، وأما ما دعاك من قول أو عمل إلى الاشتغال بأحوال الخلق فهو خارج عن ذلك لأن كل ما سوى الحق فهو فانٍ لذاته فكان الاشتغال به والانفاق عليه باطلًا وسعيًا ضائعًا، وأما الحق لذاته فهو الباقي الذي لا يقبل الزوال، لا جرم كان الاشتغال بمحبته ومعرفته وطاعته وخدمته هو الذي يبقى بقاء لا يزول ولما كان أهم ما إلي من حصل البقاء ليس لكفايته بل لمن يحفظها له لوقت حاجته قال تعالى: {عند ربك} أي: الجليل المواهب العالم بالعواقب وخير من المال والبنين في العاجل والآجل {ثوابًا وخير} من ذلك كله {أملًا} أي: من جملة ما يرجوه فيها من الثواب ويرجوه فيها من الأمل لأن ثوابها إلى بقاء آملها كل ساعة في تحقق وعلوّ وارتقاء وآمل المال والبنين يخان أحوج ما يكون إليهما، وعن قتادة كل ما أريد به وجه اللّه تعالى خير ثوابًا أي: ما يتعلق بها من الثواب وما يتعلق بها من الأمل لأن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب اللّه ونصيبه في الآخرة. ولما بيّن سبحانه وتعالى خساسة الدنيا وشرف الآخرة أردفه بأحوال يوم القيامة وذكر منها أنواعًا النوع الأوّل قوله تعالى: {ويوم} أي: واذكر لهم يوم {نسير} بأيسر أمر {الجبال} عن وجه الأرض بعواصف القدرة كما نسير نبات الأرض بعد أن صار هشيمًا بالرياح كما قال تعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّمرّ السحاب} [النمل].تنبيه:ليس في لفظ الآية ما يدل إلى أين تسير، قال الرازي: ويحتمل أن يقال: إن الله يسيرها إلى الموضع الذي يريده ولم يبين ذلك لخلقه، والحق أنّ المراد أنّ اللّه تعالى يسيرها إلى العدم لقوله تعالى: {ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفًا فيذرها قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا} طه
|